معايير المقاطعة ومناهضة التطبيع

"لا بد أن تتطور معايير المقاطعة ومناهضة التطبيع حسب تطور متطلبات نضالنا الوطني ومقاومتنا الشعبية". من بيان سابق للحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (PACBI)

مقدمة

ما هي المعايير؟ هي مجموعة من التوجيهات التي تساعد في تحديد إذا كان النشاط تطبيعاً أم لا في الحالات الأكثر تعقيداً من مجرد النظر في العلاقة اذا كانت طوعية أو قسرية، وتعتبر الحدّ الأدنى لعدم الوقوع في التطبيع. 

سيرورة إقرار المعايير: تم إقرار وثيقة "تعريف التطبيع" خلال المؤتمر الأول لحركة المقاطعة عام 2007، وتوافق عليها أوسع ائتلاف فلسطيني ضمّ غالبية القوى السياسية والأطر النقابية والأهلية الأخرى والاتحادات الشعبية وشبكات حقوق اللاجئين وغيرها. إن ما يقارب الإجماع الوطني والشعبي على معايير المقاطعة هو الذي يمنحها شرعيتها وقوتها الأخلاقية، وبالتالي يعزّز إمكانية مساهمتها في التحرّر الوطني.

غير أنّ هذه المعايير ليست محفورة في الصخر، بل تتطوّر بناءً على النقاشات المجتمعية المفتوحة بشكل دائم منذ انطلاقة الحركة عام 2004.  وقد كلّفت اللجنةُ الوطنية الفلسطينية لحركة المقاطعة الحملةَ الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (PACBI) لمتابعة النقاشات المجتمعية اللازمة مع القطاعات المختلفة المعنية بالقضايا الثقافية والسياحية والأكاديمية والرياضية وغيرها، وصياغة مسودات المعايير تمهيداً لعرضها أمام الهيئة العامة للجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة. 

وبالاستناد إلى هذا التوافق، نظّمت الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (PACBI)  في السنوات الأخيرة لقاءاتٍ مجتمعية وحوارات وورشات عملٍ حول معايير مناهضة التطبيع، من ضمنها ورشة نقاش المعايير خلال المؤتمر الوطني السادس، انطلقت فيها من وثيقة تفسير التطبيع ومعايير المقاطعة المقرّة مسبقاً.  ونتجت عن هذه النقاشات المجتمعية التي استمرّت ثلاث سنواتٍ وثيقةً جديدةً لتفسير تعريف التطبيع في قطاعاتٍ مختلفة، مثل المستوى الرسمي والنقابي والسياحي والرياضي وغيره، بالإضافة إلى صياغة معايير تطبيع جديدة تشمل معيار محاسبة التطبيع والمعايير الإعلامية.  وقد أقرّت الهيئة العامة للجنة الوطنية للمقاطعة الوثيقة الجديدة في 12 تشرين أول/أكتوبر 2020.

BDS

تعريف التطبيع


التطبيع هو المشاركة في أي مشروع أو مبادرة أو نشاط، محلي أو دولي، يجمع (على نفس "المنصة"1) بين فلسطينيين (و/أو عرب) وإسرائيليين (أفراداً كانوا أم مؤسسات) ولا يستوفي الشرْطَيْن التاليَيْن:

  1. أن يعترف الطرف الإسرائيلي بالحقوق الأساسية2 للشعب الفلسطيني بموجب القانون الدولي، 
  2. وأن يشكّل النشاط شكلاً من أشكال النضال المشترك (co-resistance) ضد نظام الاحتلال والاستعمار-الاستيطاني والأبارتهايد الإسرائيلي.

يقع التطبيع في العلاقات الطوعية، وليس القسرية. وهذه الأخيرة متغيرة حسب طبيعة العلاقة الاستعمارية التي تحكم تجمعات شعبنا المختلفة. بناءً على ذلك، تراعي معايير مناهضة التطبيع والمقاطعة خصوصية هذه العلاقات، فتختلف المعايير المرعية في أراضي 1967 عنها في أراضي 1948. كما إن هناك خصوصية للقدس، إذ إن ظروف الاستعمار والأبارتهايد فيها تقع ما بين تلك الواقعة في أراضي 1948 وتلك الواقعة في أراضي 1967.

يشمل التطبيع الأنشطة التي:

أ) تساوي أخلاقياً أو سياسياً بين "الطرفين"، أي بين المستعمِر والمستعمَر.

ب) تتجاهل حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والعودة.

ج) تقدم الرواية الصهيونية الزائفة للتاريخ كرواية موازية/مرادفة للرواية التاريخية العلمية.

 

كمبدأ عام، نحترم بعمق المواقف والمبادئ المناهضة للتطبيع التي تتبناها الاتحادات والنقابات والمؤسسات الأكاديمية والثقافية والمهنية والفنية في الوطن العربي، بغض النظر عن أي اختلافات بين معايير المقاطعة لديها والمعايير التي يتبناها، مضطراً، المجتمع الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال والأبارتهايد الإسرائيلي. كما نرى ضرورة التواصل بين اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة بمكوناتها وهذه الاتحادات والنقابات العربية لتنسيق المواقف تجاه مقاطعة إسرائيل ومعايير تطبيقها. تناشد اللجنة الوطنية كافة الأطراف العربية للعمل على إزالة المعيقات التعسفية التي تمنع أو تعيق دخول الفلسطينيين (يشمل فلسطينيو 48)3، غير المتورطين في التطبيع، إلى جميع البلاد العربية الشقيقة. 

 

ـــــــــــــــــــــــ

1  نعني بنفس المنصة: فيلماً أو مسرحية أو عرضاً غنائيًا أو ندوة ثقافية أو سياسية أو أكاديمية أو غيرها، أو ما يشابههم من أنشطة مشتركة.

2  الحقوق الفلسطينية الأساسية التي نص عليها نداء المقاطعة BDS، والتي تشكل الحد الأدنى ليمارس شعبنا الفلسطيني حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير، هي:

  • إنهاء الاحتلال والاستعمار لكل الأراضي التي احتلت عام 1967،

  • الاعتراف بالحق الأساسي بالمساواة الكاملة لفلسطينيي 48 وإنهاء نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد)، 

  • احترام وحماية ودعم حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم واستعادة ممتلكاتهم كما هو منصوص عليه في قرار اﻷمم المتحدة رقم 194.

3  من حملة جواز السفر الفلسطيني أو الأردني المؤقت.

تفسيرات المعايير


أهم التفسيرات المتوافق عليها لتعريف التطبيع ومعايير المقاطعة في مجالات وقضايا متعددة

التطبيع الرسمي

"التنسيق الأمني" وما يسمى بـ"لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي" يُعدّان أخطر أنواع التطبيع الرسمي الفلسطيني، والذي يشكّل خطراً على النضال الفلسطيني، كما يوفّر غطاءً فلسطينياً للتطبيع الرسمي العربي المتصاعد مع دولة الاحتلال.

التطبيع النقابي

يُعتبر أي لقاء بين أطراف نقابية فلسطينية و/أو عربية مع أطراف نقابية إسرائيلية صهيونية مثل "الهستدروت" تطبيعاً. ذلك أنّ النقابات الصهيونية الإسرائيلية، وعلى الأخص "الهستدروت"، تلعب دوراً محورياً في تكريس التبعية الاقتصادية واستغلال عمالنا الفلسطينيين. كما وتساهم بشكل كبير في جرائم الاحتلال ضد شعبنا من دعم للاستعمار، والتطهير العرقي، والتمييز العنصري، وصولاً إلى سرقة أموال العمال الفلسطينيين.

التطبيع الاقتصادي

أدّت تبعيّة الاقتصاد الفلسطيني للاحتلال الإسرائيلي، والتي كرستها اتفاقيات أوسلو وملحقاتها، بالإضافة إلى انخراط جزء من رأس المال الفلسطيني في مشاريع القيادة البديلة و"السلام الاقتصادي" الإسرائيلية-الأمريكية، إلى بروز أشكال متعددة للتطبيع الاقتصادي، على رأسها الاستثمارات الفلسطينية في المستعمرات الإسرائيلية، مثل المركز التجاري "رامي ليفي" في "عطاروت" ومشاريع مماثلة في "بركان"، والمعامل الفلسطينية التي تقوم بتغليف منتجات المستعمرات تحت اسم فلسطينيّ لتسويقها في الداخل والخارج، بالإضافة إلى رأس المال الإسرائيلي العامل في الأراضي الفلسطينية بشراكات فلسطينية، والتطبيع المكشوف لشركات فلسطينية أو إسرائيلية-فلسطينية مشتركة تعمل في قطاع تكنولوجيا المعلومات، مثل "روابي تِك هَب" و"عسل" و"إكزولت" وغيرها.

الأنشطة مع مؤسسات متواطئة

أي مشروع/نشاط مع مؤسسات أكاديمية أو ثقافية أو رياضية (أو غيرها) إسرائيلية (وكلها متواطئة بدرجات متفاوتة) أو مع جهات دولية تخدم الأجندة الإسرائيلية الإستعمارية (مجموعات اللوبي الصهيوني وغيرها) يُعدّ تطبيعاً.

الأنشطة التي تدّعي "السلام"

كل الأنشطة التي تجمع بين عرب وإسرائيليين تحت شعار تحقيق "السلام" أو حتى "إنهاء الصراع والاحتلال" من دون الاعتراف، في الحد الأدنى، بالحقوق الفلسطينية الثلاثة الأساسية (المذكورة أعلاه) تعدّ تطبيعاً. أهم الأمثلة: "بذور السلام" و One Voice، و"يلا شباب" وMEET و STEP و"مركز بيريس للسلام" و"مقاتلون من أجل السلام" و"إجازة من الحرب"، وأمثالها. تقع المسؤولية على عاتق المشاركين/ات للتحقق من كل نشاط قبل التورّط فيه.

معايير المقاطعة وزيارة الأكاديميين/ات والفنانين/ات العرب لفلسطين

وهي تنطبق على جميع العرب، بمن فيهم الفلسطينيين (حتى أولئك الذين يحملون جوازات سفر عربية أخرى). كمبدأ عام، عند توجيه أي إطار فلسطيني الدعوة لأي أكاديمي/ة أو فنان/ة أو مثقف/ة أو رياضي/ة عربي/ة، يلتزم هذا الإطار بمبادئ ومعايير المقاطعة الأكاديمية والثقافية المقرة فلسطينياً في تنظيم الزيارة بحيث:

أ) يكون الدخول للأراضي الفلسطينية (67) عن طريق تصريح دخول، لا تأشيرة إسرائيلية (فيزا)*.

ب) يشترط على الزائر العربي رفض تنظيم أي أنشطة مشتركة مع أطراف إسرائيلية متواطئة.

ج) يرفض توفير غطاء فلسطيني لمن يخرقون معايير المقاطعة/مناهضة التطبيع، أي رفض استقبال أو تنظيم نشاط مع أي أطراف عربية (أو دولية) تخرق معايير المقاطعة ومناهضة التطبيع.

د) يرفض الزائر العربي التعاون مع مؤسسات أجنبية متواطئة وتحاول "تلميع" تواطؤها بتنظيم أنشطة موازية مع جهات فلسطينية.

ه) يُطلب من الزائرين/ات العرب التبني العلني لنداء المقاطعة، تفادياً لاستغلال زيارتهم في إضعاف المقاطعة العالمية.
 

ـــــــــــــــــــــــ

* تتطلب الفيزا تعامل المواطن/ة العربي/ة (بشكل مباشر أو غير مباشر) مع السفارات أو مكاتب التمثيل الإسرائيلية في الدول العربية، مما يشرعن وجودها ويشكل تطبيعاً سافراً.
 

السياحة

يُعدّ استقبال أو تنظيم نشاط مع زُوّار (حجّاجاً كانوا أم سيّاحاً) يخرقون معايير السياحة الأخلاقية الصادرة عن الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل تطبيعاً. وتنص هذه المعايير على: ضرورة امتناع الزوّار عن زيارة المنشآت السياحية الخاضعة لسيطرة العدوّ في أراضي 1967، بالذات في القدس وبلدتها القديمة، والتي يتربّح منها الاحتلال، أو تلك التي تعرّف زوراً على أنها مناطق إسرائيلية، وعلى الأخص المستعمرات؛ وتجنُّب كافة المنتجات والخدمات التي توفرها شركات إسرائيلية أو دولية متواطئة في الانتهاكات الإسرائيلية لحقوقنا، مثل شركات الطيران والسياحة والنقل، والمطاعم والفنادق؛ بالاضافة إلى تجنّب كافة الأنشطة ذات الصلة بالحكومة الإسرائيلية أو الشركات الإسرائيلية المتواطئة. 

الرياضة

إنّ المواجهات الرياضية مع رياضيين إسرائيليين يمثلون دولة الاحتلال (كما في الأولمبياد وكثير من البطولات الدولية) تعد شكلاً من أشكال التطبيع، حتى لو جاءت تلك المواجهات عن طريق الصدفة. 

معيار محاسبة التطبيع

 

كيف نتعامل مع منتج/ نشاط لشخصية أقدمت على التطبيع ولم تتراجع عنه؟ هذا السؤال كان محور نقاشات دارت في الأوساط الفنية والثقافية في فلسطين والوطن العربي لسنوات، مما أفضى إلى إقرار المعيار التالي.

 

المعايير الإعلامية

 

 

تأتي هذه المعايير محاولةً لمواكبة ضرورات المواجهة في الميدان الإعلامي والتصدّي للماكينة الإعلامية الصهيونية، خاصةً في ظل تدحرج التطبيع في الآونة الأخيرة. وهي نتاج لنقاشات متعددة وموسعة مع ذوي الاختصاص. 

 

الاستثناءات

 

للاطلاع على استثناءات التطبيع اضغط\ي هنا.