بيان للجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة

بعض الأنظمة الخليجية تمعن في التطبيع مع إسرائيل، وهذه المرّة جوّاً

ولا يُمكننا النظر إلى هذا التفاقم في التطبيع، الذي يصل حد الخيانة لقضية العرب المركزية، إلا كتتويجٍ لعقودٍ من العلاقات التطبيعية السرّية والعلنية، والتي شملت العلاقات الاقتصادية والعسكرية والتجارية والرياضية والسياسية. كما لا يمكن فهم هذا التطبيع الفالت من عقاله بمعزل عن التطبيع الرسمي الفلسطيني، وأسوأ أشكاله ما يسمى بـالتنسيق الأمني" مع العدوّ و"لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي"، وكلاهما يخالف قرارات منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا.

فلسطين المحتلّة، 21 أيار/مايو 2020— تدين اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل، قيادة حركة المقاطعة (BDS)، إمعان بعض الأنظمة الخليجية، خصوصاً نظامي الإمارات وقطر، في التطبيع مع العدوّ الإسرائيلي. فقد سارعت الإمارات لإرسال طائرات خاصة إلى المغرب، قبل نحو أسبوعين، لـ"تخليص" الإسرائيليين العالقين هناك، فيما أعلنت الخطوط الجوية القطرية عن منحها تذاكر طيران مجانيّة للطواقم الطبية الإسرائيلية "تكريماً لجهودها في محاربة الجائحة"، مساويةً بينها وبين الطواقم الطبية الأخرى التي لعبت دورا في مواجهة الجائحة.

إنّ محاولة استغلال الجائحة لتبرير هذا الإمعان في التطبيع الرسمي بين بعض الأنظمة الخليجية الاستبدادية مع نظام الاحتلال والاستعمار-الاستيطاني والأبارتهايد الإسرائيلي لا تنطلي لا على الشعوب الشقيقة التي تحكمها هذه الأنظمة ولا على شعبنا الفلسطيني، فالشعوب العربية بغالبيتها الساحقة ترفض التطبيع مع العدوّ بأي عذر.

كما لا بد من التذكير بأن  هذا النظام الاستعماري الإسرائيلي لم يتورّع عن استغلال الجائحة للتغطية على جرائمه الممنهجة والمستمرّة بحقّ شعبنا، بما يشمل سلب المزيد من الأراضي والتطهير العرقي للقدس والنقب والأغوار واستمرار حصار غزة وبناء المستعمرات، في محاولة محمومة لتمرير المخطّط الأمريكي-الإسرائيلي الذي أُطلق عليه "صفقة القرن".

ولا يُمكننا النظر إلى هذا التفاقم في التطبيع، الذي يصل حد الخيانة لقضية العرب المركزية، إلا كتتويجٍ لعقودٍ من العلاقات التطبيعية السرّية والعلنية، والتي شملت العلاقات الاقتصادية والعسكرية والتجارية والرياضية والسياسية. كما لا يمكن فهم هذا التطبيع الفالت من عقاله بمعزل عن التطبيع الرسمي الفلسطيني، وأسوأ أشكاله ما يسمى بـالتنسيق الأمني" مع العدوّ و"لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي"، وكلاهما يخالف قرارات منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا.

وحول اشتمال منحة الخطوط الجوية القطرية للطواقم الطبية الإسرائيلية، قال الرئيس التنفيذي لشركة الطيران القطرية، أكبر الباكر: "ليس هناك فرق ولا توجد حواجز ولا حدود في المجال الطبي". بكلماتٍ أخرى، يقول لنا الباكر أنّه لا فرق بين من كانوا في مقدّمة الخطوط لمواجهة الجائحة العالمية وبين العاملين في القطاع الصحي الإسرائيلي، الذين قامت خدمتهم الطبية على أساس التفرقة العنصرية ضدّ فلسطينيّي الداخل المحتلّ، وهو ما كان جليّاً خلال فترة الجائحة، فضلاً عن تورّطهم في الجرائم الإسرائيلية.

ولم يتردّد النظام الإماراتي عن الامتثال لطلب النظام الاستعماري الإسرائيلي بإرسال طائراتٍ فاخرة، تابعة لأحد الأمراء المقرّبين من الدائرة الحاكمة في الإمارات، لتخليص الإسرائيليين العالقين في المغرب. وعلى الرغم من الطلب الإماراتي بالحفاظ على السرّية التامة، كمن يعلم أنه يقوم بجريمة في السر، فضح مقطع فيديو مسرّب من أحد الإسرائيليين الذين تم نقلهم في هذه الرحلات المستور. وحتى عند محاولته الخروج من "الورطة المسرّبة" بإرسال مساعداتٍ طبية للفلسطينيين، في محاولةٍ لتلميع التطبيع السابق، حطّت طائرة تجارية إماراتية تابعة لشركة "اتحاد"، المحمّلة بالمساعدات إلى الفلسطينيين، في مطار اللد "بن غوريون"، في رحلة تطبيعية تعد سابقة خطيرة. إن من يريد أن يقدم أي عون لشعبنا، عليه وقف التطبيع مع العدوّ، لا استغلال هذا الدعم للتغطية على خيانته لشعبه ولأمته.

إنّ شعبنا الذي ما زال صامداً في أرضه بعد أكثر من 72 عاماً من التهجير والعنصرية، ويقاوم القمع بكلّ السبل الممكنة، بغنىً عن أيّ مساعداتٍ تأتيه عبر تطبيع أنظمةٍ استبدادية تصرّ على طعن نضاله المستمرّ وتحكم شعوبها بالحديد والنار وتبدّد ثرواتها في حروبها الإجرامية في اليمن وغيره.

وليس هذا التطبيع الجوي الأوّل من نوعه، بل كان النظام السعودي الاستبدادي سباقاً إليه، عندما فتح مجاله الجوي أمام الطائرات المسافرة بين الهند ودولة الاحتلال للمرور عبره قبل عامين، ولن يكون الأخير، إلا إذا تصدّت الشعوب العربية الشقيقة لهذه الأنظمة.

وفي ظل هرولة هذه الأنظمة للتطبيع مع العدوّ الإسرائيلي، نهيب بالشعوب الشقيقة في الخليج بإدانة هذا التطبيع الوقح، وتصعيد الضغط الشعبي ضدّه حيثما أمكن. فعلى الرغم من التغيرات الجيوسياسية، تمضي حركة المقاطعة (BDS) في تحقيق المزيد من النجاحات والانتصارات حول العالم لعزل النظام الإسرائيلي، وفي فضح التطبيع الرسمي وغير الرسمي والتصدّي له بدعم شركائها وحلفائها في الوطن العربي.


انشر/ي

ابقوا على اطلاع

قم بالتسجيل للحصول على آخر أخبار المقاطعة والحملات والتحركات

Subscribe Now