بيان للحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل

مبادئ ومعايير تطبيق المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل من قبل الجماهير الفلسطينية في أراضي العام 1948

انطلاقاً من خصوصية وضع فلسطينيي 48، اجتهدت الحملة سنوات خلت، من خلال لقاءات وجدالات وحوارات مع مثقفين/ات وطلبة وأكاديميين/ات وفنانين/ات ونشطاء اجتماعيين في مناطق 48، من أجل صياغة معايير تلائم واقعهم/ن المُركّب. 

مُقدّمة ومُلخّص

أول ما يتبادر إلى الذهن لدى قراءة عنوان هذه الوثيقة أنّ تطبيقها في داخل دولة إسرائيل أمر مستحيل. فكيف يستطيع الفلسطينيون/ات مواطنو/ات الدولة أن يقاطعوا/يقاطعن ما يدور حولهم/ن من حياة تجارية واقتصادية وثقافية وحياتية يومية؟ لكن الأمر ليس كذلك، لأنّ معايير المقاطعة الخاصة بفلسطينيي الداخل (48) تختلف عنها في أماكن وجود الأجزاء الأخرى من الشعب الفلسطيني (67 أو شتات). فقد وضعت حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS) معايير وتوصيات تخصّ العالم العربي ودول العالم الأخرى ومناطق عام 1967، إلى جانب التعامل بشكل خصوصي وعينيّ مع أسئلة وحالات صعبة تستوجب المرونة أحيانا والتشدّد في أحيان أخرى. تركز هذه الوثيقة على الجانب الثقافي والأكاديمي.

ولذلك، فإنّ "حملة المقاطعة" تحترم وتقدّر بعمق خصوصية فلسطينيي 48، وقد اجتهدت لسنوات خلت، من خلال لقاءات وجدالات وحوارات مع مثقفين/ات وطلبة وأكاديميين/ات وفنانين/ات ونشطاء اجتماعيين في مناطق 48، من أجل صياغة معايير تلائم واقعهم/ن المُركّب. ما ستقرأونه في هذه الورقة المفصّلة هو عصارة هذا المجهود الجماعيّ التفاعليّ، وهو، ككل معايير حملة المقاطعة، قابل للتطوير والتعديل لمواكبة التطور السياسي والنضالي لشعبنا في ظل التغيرات المحيطة، ومع تراكم التجربة.

 

انطلاقاً من خصوصية وضع فلسطينيي 48، تميز حركة المقاطعة، على سبيل المثال، بين مفهوميّ حقوق المواطن/ة والتطبيع:

(أ) لا مانع من الحصول على ميزانيات ثقافية وفنية وصحّية وغيرها من الوزارات الحكومية كحقّ طبيعيّ للمواطنين كدافعي الضرائب؛

(ب) العلاقات اليومية المعتادة بين فلسطينيي 48 واليهود-الإسرائيليين في أماكن العمل والدراسة والمشافي والمؤسسات وغيرها لا يمكن أن تشكل بحد ذاتها تطبيعًا؛

(ج) النضال المشترك مع القوى الإسرائيلية المعادية للصهيونية ضد الاحتلال والأبارتهايد ليس تطبيعًا.

 

كيف يمكن إذًا الإسهام في حملة المقاطعة من داخل الدولة؟ أمثلة سريعة:

‌1. عدم تمثيل إسرائيل أو مؤسساتها الخاضعة للمقاطعة في المحافل الإقليمية والدولية؛

2. عدم المشاركة في وفود إسرائيلية (رسمية أو برعاية منظمات صهيونية عالمية) في زيارات دولية؛

3. عدم توفير غطاء فلسطيني، أي "ورقة توت"، لمن يخالف معايير المقاطعة؛

4. عدم المشاركة في أنشطة إسرائيلية ذات طابع دوليّ وخاضعة للمقاطعة؛

5. عدم المشاركة في أنشطة تنظمها أو ترعاها المؤسسات الصهيونية الدولية في إسرائيل أو في الخارج؛

6. أما على مستوى دعم الحملة بشكل إيجابيّ، فيمكن دعم وترويج المقاطعة الدولية للمؤسسات الإسرائيلية المتواطئة في انتهاك القانون الدولي، وكتابة، أو التوقيع على، الرسائل والعرائض التي تدعو إلى المقاطعة الثقافية أو الأكاديمية العالمية، وتوثيق تجارب التمييز العنصري والانتهاكات الأخرى لحقوق الإنسان، وغيرها.

 

هل هذا قانونيّ؟

أقرّ الكنيست الإسرائيلي في 2011 قانونًا يحاول منع الدعوة لمقاطعة إسرائيل ومنتجاتها، ولكن يجدر الانتباه إلى  الأمور التالية:

1) القانون عالق في التماس قُدّم إلى المحكمة العليا وليس نهائيًا؛

2) القانون يعاقب من يدعو فعلياً للمقاطعة، وليس من يلتزم بالمقاطعة كمبدأ يمارسه بقناعاته الذاتية؛

3) القانون ليس جنائيًا، والعقوبة الوحيدة هي ماليّة في حال تقدّم أحد الأطراف الإسرائيلية التجارية أو الاقتصادية بدعوى أضرار.

 

مبادئ ومعايير تطبيق المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل من قبل الجماهير الفلسطينية في أراضي العام 1948

 مسودة (للنقاش)

 "حاصِرْ حصارَك، لا مَفَر" -- محمود درويش  

"أنَا مَا هُنْتُ في وَطَنِي وَلا صَغَّرْتُ أَكْتَافِي وَقَفْتُ بِوَجْهِ ظُلاَّمِي يَتِيمَاً، عَارِيَاً، حَافِي" -- توفيق زيّاد

  "لا نريد قيوداً مريحة. نريد التخلص من هذه القيود"-- المطران دزموند توتو

 

مقدمة

إن الشعب الفلسطيني واحد لا يقبل التجزئة، رغم فصول التهجير القسري والشرذمة التي سببها الاستعمار الاستيطاني لوطننا، بالذات خلال نكبة 1948 ونكسة 1967.  وأسوة بشعوب العالم، يتمتع شعبنا بحقوق غير قابلة للتصرف نصت عليها المواثيق الدولية، وأهمها حق تقرير المصير في وطنه.  إن الفلسطينيين الذين صمدوا في مناطق 48 إبان النكبة، والذين اضطروا لحمل الجنسية الإسرائيلية من أجل ضمان بقائهم في وطنهم، وتعرضوا للحكم العسكري والاقتلاع والتهميش ونظام تمييز عنصري ممأسس ومقنن، هم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ونضاله من أجل تقرير مصيره وإحقاق حقوقه الوطنية والتاريخية.

إن المقاومة الشعبية والثقافية والسياسية التي قام بها شعبنا في مناطق 48 بقواه الرئيسية كان لها أكبر الأثر لا في ترسيخ فلسفة الصمود في وجه الاقتلاع وحسب، بل وفي بلورة الهوية الوطنية العربية-الفلسطينية في الداخل والمساهمة الهامة في بلورتها لدى جميع الفلسطينين في كل أماكن تواجدهم في الوطن والشتات.

يستند الاضطهاد الاستعماري الإسرائيلي للشعب الفلسطيني بالأساس على الفكر الصهيوني العنصري، والذي لعب القادة والمثقفون/ات الفلسطينيون/ات في مناطق 48 دوراً رائداً ومُبكّراً في التصدي له. ويتضمن هذا الاضطهاد الأشكال الرئيسية الثلاثة التالية:

- رفض إسرائيل الاعتراف بالمسؤولية عن النكبة وما شملته من تطهير عرقي ممنهج خلق قضية اللاجئين الفلسطينيين، وإنكارها للحقوق المكفولة للاجئين في القانون الدولي، وأهمها حق العودة إلى الديار، إضافة إلى التعويض؛

- الاحتلال العسكري للضفة الغربية (بما فيها القدس الشرقية) وقطاع غزة وما يشمله من استعمار استيطاني يخالف القانون الدولي؛

- نظام التمييز العنصري الشامل (الأبارتهايد[1]) ضد فلسطينيي مناطق 48 (حاملي الجنسية الإسرائيلية).

 

بناءً على ما سبق، تَبَنّى كل من نداء الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، الصادر في 2004، ونداء المجتمع المدني الفلسطيني، الصادر في 9 تموز (يوليو) 2005، والداعي إلى مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS)، مقاربة مبنية على الحقوق الأساسية الشاملة لشعبنا، تدعو لمقاطعة إسرائيل بشتى الطرق حتى تعترف بحق الشعب الفلسطيني، غير القابل للتصرف، في تقرير المصير، وحتى تنصاع بالكامل للقانون الدولي عن طريق:

(1) إنهاء احتلالها لكل الأراضي العربية المحتلة عام 1967 وتفكيك الجدار والمستعمرات

(2) الإعتراف بالمساواة الكاملة وبالحقوق الأساسية، الفردية والجمعية، لمواطنيها العرب الفلسطينيين (48)

(3) احترام وحماية ودعم حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم واستعادة ممتلكاتهم كما هو منصوص عليه في قرار 194

 

الالتزام بمعايير المقاطعة في ظل قانون منع المقاطعة الإسرائيلي

إن قانون منع المقاطعة الذي أقر من قبل البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) في تموز (يوليو) 2011 يعكس خوف  الدولة من تأثير حملة المقاطعة ومن تنامي التأييد لها، ويهدف إلى منع هذا الشكل النضالي. ورغم إنه قانون تعسفي يقمع حرية الرأي ويخالف المواثيق الدولية، فإنه لا يمنع أو يجرّم الالتزام بمعايير المقاطعة، بل يسعى إلى منع أيّ دعوة لمقاطعة شخص أو جسم اقتصادي، ثقافي أو أكاديمي إسرائيلي، بما في ذلك المستعمرات المقامة على الأراضي المحتلة عام 19677. بغض النظر، فإن تبني مقاطعة إسرائيل كشكل رئيسي من أشكال المقاومة الشعبية السلمية للاحتلال والأبارتهايد الإسرائيلي له ثمن، ولكن أهداف المقاطعة السامية في التحرر والعودة وتقرير المصير تجعل ثمنها بخسًا مقارنة بالنتائج المتوخاة منها.

 

انتشار حملة المقاطعة

تنمو حملة المقاطعة (BDS) بشكل مضطرد، محدثة تغييراً جوهرياً في الرأي العام العالمي تجاه إسرائيل كدولة تمارس الاحتلال والاستعمار والأبارتهايد. كما بدأت الحملة في استحداث آليّات فعّالة ومستدامة للتضامن الدولي، مما حذا بإسرائيل لتوصيف الحملة كـ"خطر استراتيجي".  إن أهم عوامل نجاح حملة المقاطعة هي:

- اتحاد المجتمع المدني الفلسطيني بقواه السياسية والنقابية والفكرية ومؤسساته تحت راية المقاطعة

- تبَنّي الحملة لخطاب أخلاقيّ إنسانيّ وكونيّ قائم على القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان، وقادر على  مخاطبة ذوي

الضمائر الحية من ليبراليين وتقدميين في العالم، أسوة بحملة المقاطعة ضد نظام الأبارتهايد في جنوب أفريقيا

- التركيز على الحقوق لا الحلول، أي الإصرار على الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني (بأجزائه الأساسية في الشتات ومناطق 67 و 488) والتي يجب أن تحقق بغض النظر عن الحل السياسي للصراع

- مناهضة العنصرية والتمييز العنصري بأشكاله والتأكيد بشكل منسجم على أن مقاطعة إسرائيل تنطلق فقط من  كونها دولة استعمارية تمارس الأبارتهايد، ولا علاقة لها بأي هوية إثنيّة أو دينيّة

 

خصوصية فلسطينيي 48

إن عدد الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية يقارب 1.4 مليون نسمة، حسب الإحصائيات الرسمية لعام 2012. نظراً لموقعهم الحسّاس كحَمَلة للجنسية الإسرائيلية وكقابعين تحت نظام الأبارتهايد الإسرائيلي ذي الواجهة الديمقراطية الآخذة في التلاشي، هنالك خصوصية جليّة لفلسطينيي 48 لا بد من مراعاتها والاستفادة منها في آن واحد عند صياغة وتحديد معايير المقاطعة في مناطق 48 (بالشراكة الكاملة مع ممثليهم، بالطبع). ولكن، كما تتفق جميع القوى السياسية الفاعلة في مناطق 48، لا تعفي هذه الخصوصية فلسطينيي 48 من دورهم النضالي (التاريخي والذي شكل رافعة للعمل الوطني الفلسطيني لسنوات عدة) ومن مشاركتهم أبناء شعبهم في كل مكان في الكفاح من أجل الحرية والعدالة والمساواة. إن نضال شعبنا في مناطق 48 تمتد جذوره في وطننا على مدى عقود. كما ويستلهم كذلك نضال السود في الولايات المتحدة وفي جنوب أفريقيا ضد نظام التمييز العنصري الذي ساد في كل منهما قبل عقود.

في المعايير التالية، لا بد من مراعاة أن صيانة كرامة وحقوق الناس هي في صميم المصلحة الوطنية، وأن ضرورات التصدي لمحاولات المؤسسة الصهيونية نزع الشرعية عن وتقويض مقوّمات وجود مجتمعنا الفلسطيني في مناطق 48 تفرض أحياناً بعض التنازلات التكتيكيّة (على ألا تتعارض مع المبادئ العامة أدناه).

انطلاقاً مما سبق، نطرح هنا أهم مبادئ ومعايير المقاطعة التي تتلاءم مع وتراعي خصوصية المكان والظروف السياسية والقانونية القائمة لجماهيرنا الفلسطينية في مناطق 48.

 

أولاً: مبادئ عامة لتطبيق المقاطعة في مناطق 48

أ. الإصرار على الحقوق الثلاثة أعلاه كقاسم مشترك يجمع عليه شعبنا كحد أدنى لتقرير المصير

ب. بناء التحالفات الواسعة والمتنوعة أيديولوجياً (بما في ذلك مع اليهود-الإسرائيليين المعادين للصهيونية) على  قاعدة المبادئ الأساسية في نداء المقاطعة ومبدأ المقاطعة كوسيلة كفاحية سلمية

ج. تعدد وتنوع أشكال تطبيق المقاطعة وسحب الاستثمارات حسب سياق المكان والزمان، أي تنوع الأهداف  (تتدرج من جزئية إلى شاملة) وأسلوب ممارسة المقاطعة لملاءمة ظروف الموقع المحدد

د. أولوية دعم الحملة العالمية للمقاطعة وسحب الاستثمار (divestment) بأشكال مباشرة وغير مباشرة

ه. التدرّج وتركيم الإنجازات بانتقاء الأهداف بدقة وعناية من أجل تحقيق انتصارات تراكمية وصولاً إلى الأهداف  الأصعب، على أن تحترم كل الحملات عدم تجزئة الحقوق

و. تغليب المصلحة الوطنية العامة على المصلحة الفردية أو المهنية أو الفئوية في اتخاذ قرار المقاطعة

ز. لا يمكن في الوقت الحالي مقاطعة مؤسسات الدولة التي تقدم خدمات لدافعي الضرائب (صحة، تعليم، خدمات اجتماعية، خدمات ثقافية، إلخ). إن هذه الخدمات تعتبر حقاً لفلسطينيي 488، كدافعي ضرائب، كما كانت بالنسبة للسود في جنوب أفريقيا تحت الأبارتهايد

ح. كما في تجارب الهند وجنوب أفريقيا وغيرها، لا يوجد تناقض بين دعوة المجتمع المدني الدولي لمقاطعة إسرائيل ومؤسساتها المتواطئة وعدم قدرة مواطني 488 على مقاطعتها، أو مقاطعتها بنفس الدرجة، بأنفسهم في ظل نظام الأبارتهايد القائم.

 

ثانياً: دعم وترويج المقاطعة الدولية للمؤسسات الإسرائيلية المتواطئة في انتهاك القانون الدولي

أ. كتابة، أو التوقيع على، الرسائل والعرائض التي تدعو إلى المقاطعة الثقافية أو الأكاديمية العالمية

ب. فضح نظام التمييز العنصري الإسرائيلي (الأبارتهايد)، وخصوصاً في الميادين الثقافية والأكاديمية، كما وفضح  تواطؤ المؤسسات الثقافية والأكاديمية الإسرائيلية في الاحتلال والاستيطان وانتهاكات أخرى لحقوق الإنسان، وتوثيق كل ذلك بشكل دقيق وممنهج (مع مراجع موثوقة) ونشرها بالإنجليزية

ج. تنسيق حملات مقاطعة عينية مع الحملات الإسرائيلية المؤيدة لحملة BDS، مثل Boycott from Within وCoalition of Women for Peace

د. التواصل مع المؤسسات والاتحادات الأكاديمية والثقافية العالمية لتشجيعها على تبني المقاطعة (كتجربة المثليين الفلسطينيين من أجل المقاطعة PQBDSS في إقناع منظمة عالمية بإلغاء مؤتمرها في تل أبيب)

[بعض النقاط أعلاه مرتبطة بقدرتنا على إلغاء قانون منع المقاطعة أو تحديه بشكل جماعي، سياسيًا وقانونيًا]

 

ثالثاً: عدم إضعاف أو تقويض حملة المقاطعة فلسطينياً وعريباً ودولياً

إن الالتزام بهذا المبدأ، وهو "أضعف الإيمان"، يتطلب (على الصعيدين الأكاديمي والثقافي تحديداً):

أ. عدم تمثيل إسرائيل أو مؤسساتها الخاضعة للمقاطعة في المحافل الإقليمية والدولية (في المجال الأكاديمي،  هناك فرق كبير بين تمثيل جامعة إسرائيلية، مثلاً، أو مجرد التعريف بالانتماء إليها. فالأول يخرق معايير المقاطعة، بينما يعتبر الثاني طبيعياً في ظل ظروف الأبارتهايد الحالية والأعراف الأكاديمية)؛

ب. عدم المشاركة في وفود إسرائيلية (رسمية أو برعاية منظمات صهيونية عالمية)؛

ج. عدم توفير غطاء فلسطيني، أي "ورقة توت"، لمن يخالف معايير المقاطعة، سواء أفراداً كانوا أم مؤسسات، عرباً أم اجانب، أي عدم استضافة أو تنظيم أنشطة لمن يخرق معاييرالمقاطعةالأكاديمية أو الثقافية، فلا يمكن أن يقام حفل فني من قبل فلسطينيي 48 لفنان عالمي يخرق المقاطعة، مثلاً، أو لأكاديمي يشارك في مؤتمر أو معرض يخالف معايير المقاطعة الدولية لإسرائيل؛                      

د. عدم استقبال الوفود التي تنظمها أو تدعمها إسرائيل أو مؤسسة إسرائيلية أو دولية متواطئة، ويشمل ذلك  مجموعات اللوبي الصهيوني في العالم، مع ترحيبنا بلجان تقصي الحقائق المستقلة فعلاً والتي لا تشارك في أنشطة رسمية مع مؤسسات متواطئة؛

ه. عدم المشاركة في أنشطة إسرائيلية ذات طابع دوليّ وخاضعة للمقاطعة (كما ورد تعريفها في معايير المقاطعة  الاكاديمية والثقافية)  (مثال: مهرجان العود، المهرجانات السينمائية الدولية في القدس وحيفا وتل أبيب وغيرها، معارض الكتاب، إلخ)، مع الانتباه لقضية ملكيّة حقوق النشر والتوزيع؛

و. عدم المشاركة في أنشطة تنظمها أو ترعاها المؤسسات الصهيونية الدولية في إسرائيل أو في الخارج (بالذات مؤسسات اللوبي مثل AIPAC, J Street) وتلك المرتبطة بحملة "ماركة إسرائيل" (Brand Israel)، والتي تسعى إلى تبييض جرائم إسرائيل وانتهاكاتها للقانون الدولي من خلال الفعاليات الموسيقية والثقافية والعلمية؛

ح. عدم استقبال وفود وزائرين أكاديميين أو طلبة أو فنانين دوليين (عرب وأجانب) برعاية مؤسسات إسرائيلية  رسمية أو مؤسسات دولية غايتها التغطية على انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي وترويج صورة زائفة لإسرائيل كمجتمع "ديمقراطي، تعددي، متسامح" (مثال: برامج دراسية في جامعات إسرائيلية تنظمها جامعات أمريكية وأوروبية لطلبتها)؛

ط. عدم تقديم دعم إلى أو المشاركة في الأنشطة الحكومية الإسرائيلية أو التي تقام بدعم من الحكومة أو  مؤسساتها كالسفارات والقنصليات الإسرائيلية في الخارج؛

مقاطعة الخدمة المدنية وأي شكل "مبتكر" يهدف إلى تطويع فلسطينيي 48 وتقويض المقاطعة العالمية.

 

رابعاً: التوفيق بين المقاطعة والصمود ومناهضة التطبيع

إن وثيقة تعريف التطبيع المقرة من قبل غالبية المجتمع المدني الفلسطيني (دون فلسطينيي 48) في المؤتمر الوطني الأول للمقاطعة (نوفمبر 20077) تعرّف التطبيع بشكل مختصر كالتالي:

"التطبيع هو المشاركة في أي مشروع أو مبادرة أو نشاط، محلي أو دولي، مصمم خصيصا للجمع (سواء بشكل مباشر أو غير مباشر) بين فلسطينيين (و/أو عرب) وإسرائيليين (أفرادا كانوا أم مؤسسات) ولا يهدف صراحة إلى مقاومة أو فضح الاحتلال وكل أشكال التمييز والاضطهاد الممارس على الشعب الفلسطيني. وأهم أشكال التطبيع هي تلك النشاطات التي تهدف إلى التعاون العلمي أو الفني أو المهني أو النسوي أو الشبابي، أو إلى إزالة الحواجز النفسية. ويستثنى من ذلك المنتديات والمحافل الدولية التي تعقد خارج الوطن العربي، كالمؤتمرات أو المهرجانات أو المعارض التي يشترك فيها إسرائيليون إلى جانب مشاركين دوليين، ولا تهدف إلى جمع الفلسطينيين أو العرب بالإسرائيليين، بالإضافة إلى المناظرات العامة. كما تستثنى من ذلك حالات الطوارئ القصوى المتعلقة بالحفاظ على الحياة البشرية، كانتشار وباء أو حدوث كارثة طبيعية أو بيئية تستوجب التعاون الفلسطيني-الإسرائيلي".

 

من الواضح أن هذا التعريف لا بد أن يخضع لمراجعة وتعديل ليتلاءم مع ظروف فلسطينيي 48، بالذات في ضوء إلتزام بعض القوى السياسية في مناطق 48 بمبدأ "الشراكة العربية-اليهودية" (غير الصهيونية، بالطبع) في النضال من أجل الحرية والمساواة وحق العودة (وهي ذات مبادئ حملة المقاطعة)، ومشاركة أحزاب سياسية فلسطينية في الكنيست (مع ما يثيره ذلك من جدل). بناءً على الإجماع الفلسطيني في 48 ضد الأيديولوجية الصهيونية وضد التطبيع معها، وفي ظل الظروف القائمة التي تَفرض قسراً على شعبنا في مناطق 48 التعايش مع بعض تجليات الأبارتهايد من أجل الصمود، نطرح المبادئ التالية لمناهضة التطبيع من قبل فلسطينيي 48:

- إن العلاقات اليومية المعتادة بين فلسطينيي 48 واليهود-الإسرائيليين في أماكن العمل والدراسة والمشافي والمؤسسات وغيرها لا يمكن أن تشكّل بحد ذاتها تطبيعاً، إذ أنها علاقات قسرية يفرضها نظام الأبارتهايد القائم ولا يستطيع شعبنا في مناطق 488، المتمسك بمبدأ الصمود على أرضه، قطعها

- إن التعايش طويل الأمد يشترط إحقاق العدالة والمساواة الكاملة في الحقوق، وهذا بدوره لا يتم إلا بزوال أشكال  الاضطهاد الثلاثة لشعبنا (الاحتلال والأبارتهايد وحرمان اللاجئين من حقهم في العودة)

- إن النضال المشترك مع القوى الإسرائيلية المعادية للصهيونية ضد الاحتلال والأبارتهايد ليس تطبيعاً

- إن انضمام عدد متزايد من الناشطين/ات المثقفين/ات والنسويين/ات والطلبة اليهود-الإسرائيليين/ات لحملة  المقاطعة الفلسطينية على قاعدة مبادئ الحملة يؤسس لتحالف وشراكة مبدئية في مواجهة الاحتلال والأبارتهايد، بغض النظر عن الحل السياسي الذي تتبناه كل جهة

- إن الجمع بين فلسطينيين (من غير مواطني 48) و/أو عرب آخرين مع إسرائيليين دون أن يكون الهدف مقاومة الاضطهاد الإسرائيلي لشعبنا هو تطبيع. يجب على فلسطينيي 488 عدم المشاركة في هذه المشاريع التطبيعية، إذ أن مشاركتهم بالضرورة توفر غطاءً أو جسر عبور للتطبيع بين إسرائيل والفلسطينيين (من غير مواطني 48) والعرب عموماً.

- إن "الاشتباك" الثقافي في مناطق 48 مع الحركة الصهيونية لفضح عنصريتها وتشجيع انفضاض اليهود عنها يعد  شكلاً نضالياً، ولكن يجب ألا يتعارض مع مبادئ ومعايير المقاطعة الواردة في هذه الوثيقة.

 

على الصعيد العملي، تتجلى مناهضة التطبيع في مواقف منها:

- عدم التعاون مع أو المشاركة في نشاطات لمؤسسات تطبيعية مثل "بذور السلام" و"شبابيك"، و"كيفونيم"، وأي مشروع مشابه أو نشاط يهدف إلى خلق "التفاهم" أو "المصالحة" بين الفلسطينيين والإسرائيليين قبل تحقيق العدالة للفلسطينيين

- عدم المشاركة في أي نشاط، إسرائيلي كان أم دولي، يعقد محلياً أو دولياً، يهدف إلى الجمع بين فلسطينيين و  عرب آخرين مع إسرائيليين

- عدم المشاركة في مشاريع إقليمية أو "شرق أوسطية" أو "متوسطية" مصمّمة للجمع بين باحثين/ات أو مهنيين/ات أو فنانين/ات، إلخ، عرب وفلسطينيين (بمن فيهم مواطنو 48) وإسرائيليين (مثل المشاريع البيئية أو الورشات الفنية أو الرياضية التي تضم عرباً غير فلسطينيين)، بغض النظر عن الجهة المنظمة لها  (مثل مشاريع الأورو-متوسطي-Euromed )

- عدم المشاركة في أي نشاط دولي، مثل مؤتمر أو نشاط أكاديمي أو ثقافي في إسرائيل أو في الخارج، مصمم  خصيصا للجمع بين الفلسطينيين والإسرائيليين في منبر واحد لمناقشة أمور غير هادفة إلى إنهاء الاضطهاد الممارس ضد الفلسطينيين، أي مصمم لتوظيف المشاركة سياسياً ضد مصالحنا الوطنية

 

خامساً: التضامن والتكافل المجتمعي الفلسطيني لمواجهة الآثار المترتبة على نمو المقاطعة

لا يمكن إلا أن تكون المقاومة، أي مقاومة، مصحوبة بثمن يدفعه المجتمع المقاوم للتخلص من الاضطهاد ونيل الحرية والعدالة والمساواة في الحقوق بموجب القانون الدولي.  وهذا ينطبق عل المقاطعة كذلك.  ورغم إدراك شعبنا لهذا الثمن واستعداده لدفعه، إلا أن تطبيق المقاطعة، بالذات في مناطق 48 والقدس المحتلة، تستوجب تعزيز ونشر ثقافة التضامن المجتمعي والتكافل والتعاون لدعم من يقاطع (سواء فرد أو مؤسسة أو فرقة فنية أو مجموعة شبابية، إلخ) وتخفيف العبء عليه/ا، قدر المستطاع.  بموازاة النقاشات الجارية لتطبيق أشكال متعددة للمقاطعة، يجب البحث في سبل تعزيز التضامن الداخلي.

 

سادساً: فلسطينيو 48 والوطن العربي

من الأهمية بمكان أن تسهم حملة المقاطعة في رفع الوعي في الوطن العربي حول كون فلسطينيو 48 جزءاً لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، وفي تشجيع استضافة المؤتمرات والمهرجانات والمعارض والندوات التي تقام في الوطن العربي للفنانين/ات والأكاديميين/ات الفلسطينيين/ات من مناطق 48 الذين يلتزمون بمعايير المقاطعة.

وبنفس الأهمية، لا بد أن تقوم الجهات ذات الصلة في العالم العربي بالتمييز بين التطبيع من جهة، وبين التواصل الفني والثقافي وغيره مع فلسطينيي 48 ومع مؤسساتهم الوطنية، من جهة ثانية، بما لا يتعارض مع مبادئ المقاطعة أعلاه.


 

[1] عرفت الأمم المتحدة الأبارتهايد في "المعاهدة الدولية لكبح ومعاقبة جريمة الأبارتهايد" لعام 1973 وفي نظام روما لمحكمة الجنايات الدولية الصادر في 2002، حيث عرف الأبارتهايد كـ"نظام مؤسسي قائم على الاضطهاد والسيطرة من جانب جماعة عرقية ضد جماعة أو جماعات عرقية أخرى".

 


انشر/ي

ابقوا على اطلاع

قم بالتسجيل للحصول على آخر أخبار المقاطعة والحملات والتحركات

Subscribe Now