بيان للجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة

لن نستطيع التنفس إلا بالحرية! كلّ التضامن من فلسطين مع الأمريكيين السود

ندعو حركة التضامن مع فلسطين في الولايات المتحدة والعالم للوقوف إلى جانب حراك "حياة السود مهمة" (Black Lives Matter)، وغيرها من المنظّمات التي يقودها السود في نضالهم المحقّ من أجل تحقيق العدالة.

فلسطين المحتلّة، 1 حزيران/يونيو 2020 -- تقف اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل، أوسع ائتلاف في المجتمع الفلسطيني وقيادة حركة المقاطعة (BDS)، بشكلٍ كامل تضامناً مع إخوتنا وأخواتنا السود في الولايات المتحدة، والذين يطالبون بالعدالة على إثر الموجة الأخيرة من جرائم القتل التي ارتكبتها الشرطة الأمريكية بحق الأمريكيين السود (الأمريكيين الأفارقة/أفروأمريكيين)، بمن فيهم "جورج فلويد" في مدينة "مينيابوليس"، و"توني مكديد" في مدينة "تالاهاسي"، و"بريونا تايلور" في مدينة "لويسفيل".

إنّ التظاهرات المتصاعدة من قبل أصحاب الصوت "غير المسموع" ضدّ عنف الشرطة ووحشيّتها في الولايات المتحدة هي، بالأساس، انتفاضةٌ ضد نظامٍ كاملٍ من الاستغلال والاضطهاد العنصرييْن، والذي تفاقم وانكشف بسبب جائحة الكورونا وأثرها غير المتناسب، حيث ارتفعت نسبة الوفيات بين الأمريكيين السود بسببها. إنّ هذا النظام مرتبطٌ، أساساً، بالجرائم التي ترتكبها الإمبريالية الأمريكية ضدّ الشعوب غير البيضاء في كافة أنحاء العالم، والتي تعدّ متجذّرةً في الأساس الاستعماري والعنصري العنيف للولايات المتحدة.

إنّ عملية التدمير والإبادة الجماعية للشعوب الأمريكية الأصلية، ونهب ثرواتها ومواردها، والاستعباد الوحشي لملايين الأفارقة، تشكّل أهم الركائز لما أصبح يُعرف اليوم بالولايات المتحدة الأمريكية. لا تزال أيديولوجيا التفوّق الأبيض، التي وجّهت وتحاول التغطية على هذه الجرائم، لا تزال حية، وإن كانت بأشكال مختلفة. وتلقى هذه الأيديولوجيا الإقصائية التشجيع من قبل إدارة ترامب العنصرية بشكل صارخ ومن المؤسسة الليبرالية بعنصريتها الخبيثة والأقل فجاجة، فالأخيرة تتشدّق ببعض الوعود الفارغة، لكنها تفشل باستمرار في العمل الفعليّ لتطبيق التعويضات (عن قرون من العبودية)، والعدالة العرقية والاقتصادية، وإنهاء نظام التجريم والسجن الجماعي المريع للأمريكيين السود.

وكما قال "مارتن لوثر كينغ"، إن "العقبة الكبرى" أمام مسيرة السود نحو الحرية ليست منظمةُ (KKK) العنصرية، بل تتمثّل في "المعتدل الأبيض الذي يكرّس نفسه لـ ’النظام‘ أكثر منه للعدالة؛ ويفضّل السلام السلبيّ، أيّ غياب التوتر، على السلام الإيجابي، أي تحقيق العدالة.

ندعو حركة التضامن مع فلسطين في الولايات المتحدة والعالم للوقوف إلى جانب حركة " حياة السود مهمة" (Black Lives Matter)، وغيرها من المنظمات التي يقودها السود في نضالها المحقّ من أجل العدالة، ولاتّخاذ توجهٍ إلغائيّ لإصلاح الشرطة، وتقديم التعويضات، والتحرّر. كما نؤيد الدعوات لحملات مقاطعة استراتيجية هادفة وقطع التمويل وسحب الاستثمارات تستهدف المؤسسات والبنوك والشركات المتورطة في نظام الظلم العنصري.

ونحن، كسكان أصليين لفلسطين، لدينا خبرة مباشرة مع الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري (الأبارتهايد) اللذان يقترفهما النظام الإسرائيلي -- المدعوم عسكرياً ومالياً، دون شروط، من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بإداراتها المتعاقبة -- لنهب أراضينا وأملاكنا وممارسة التطهير العرقي ضدّنا وتقليصنا لأقل من بشر. إن أهم إنجاز لنا، كشعبٍ يقاوم الاضطهاد الاستعماري، بما في ذلك من خلال حملات المقاطعة، هو صمودنا بثبات في أرضنا ومقاومتنا لمحاولاتهم الاستعمارية المستمرّة لاستعمار عقولنا باليأس والنكران الذاتي والاستسلام لتفوّقهم كقدرٍ محتوم.

وعلى مدار قرون، نجا السود في الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا والعديد من الدول الأخرى من أكثر الأشكال اللا إنسانية من الاستعباد والاضطهاد العرقي التي شهدها التاريخ، مقدّمين للإنسانية دروساً ثمينةً في المقاومة والمثابرة والإبداع.

تقوم دوائر الشرطة شبه العسكرية -- والتي تدرّب العديد منها على يد إسرائيل، بمن فيها شرطة ولاية مينيسوتا -- بفرض نظام العنصرية الممنهجة في الولايات المتحدة. وقد تمّ تكليف قوات الشرطة هذه بكلّ ما يلزم في سبيل حماية هذا النظام العفن الذي يحمي التفوّق العرقيّ الأبيض ، والقائم على حرمان السود واللاتينيين/ات والشعوب الأصلية من حقوقها.

إنّ القتل المتعمّد للأمريكيين السود دون تمييز وخارج إطار القانون، في ظلّ نظام السجون الأمريكي الجائر، والمعاملة اللاإنسانية والعنصرية للمهاجرين وطالبي اللجوء على الحدود الجنوبية، كلها أعراضٌ لدولةٍ أمنية معسكرة تعيث فساداً ودماراً ضدّ المجتمعات السمراء (غير البيض) في الولايات المتحدة والعالم. ومع استمرار نظام القمع والاضطهاد هذا، فإن الأمر متوقفٌ على حركاتنا الشعبية للعمل على تفكيكه، بشكلٍ جماعي وتقاطعيّ، من الولايات المتحدة إلى فلسطين.

إنّه من واجب جميع الشعوب وأصحاب الضمائر دعم نضال أخواتنا وإخوتنا السود ورفع أصواتهم. في هذا السياق، ندعو مجتمعنا للإقرار بالترابط بين الاضطهاد العرقي المحليّ في الولايات المتحدة واضطهادها العرقي الإمبريالي للشعوب غير البيضاء في كافة أنحاء العالم، كما أوضح "مالكوم إكس" وغيره من المفكّرين السود. ومثلما تعمل القوات العسكرية الإسرائيلية المحتلّة على زيادة ترسيخ نظام الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري ضد الفلسطينيين، فإنّ قوات الشرطة الأمريكية تعمل على ترسيخ نظام التفوّق والامتياز الأمريكي الأبيض.

كما نؤكد على رسالة اللجنة العربية الأمريكية لمكافحة العنصرية في بيانها الأخير، والتي جاء فيها: "آن الأوان لنا لنستمع للأمريكيين السود ومنظمات الحقوق المدنية للسود حول تجاربهم الفريدة وكيف يمكننا دعم نضالنا الجماعيّ ضد الظلم. كما وإنه من واجبنا... تثقيف أنفسنا بشأن الصراعات التي تواجه أخوتنا وأخواتنا السود وكيفية القيام بدورنا في مواجهة العنصرية ضد السود".

إن رسالتنا لإخوتنا وأخواتنا السود هي أن صمودكم في وجه المحاولات الشرسة لتجريدكم من الإنسانية تعتبر مصدر إلهام لنا في نضالنا ضدّ نظام الاحتلال والاستعمار-الاستيطاني والفصل العنصري الإسرائيلي. ونحن ندعم الدعوات التي من قبيل هذه المبادرة من المتظاهرين في مينيابوليس لسحب الاستثمار من العسكرة والشرطة والاستثمار بدلاً من ذلك في الصحة والسلامة بقيادة مجتمعية.

وتأكيداً على أن العدالة تُؤخذ ولا تُمنح، نستذكر نصيحة "جيمس بالدوين" لابن أخيه: "حاول أن تتذكّر أن ما يؤمنون به، وكذلك ما يقومون به ويدفعك للتحمّل، لا يعني اعترافٌ منك بدونيّتك، بل هو دليلٌ على عدم إنسانيتهم وخوفهم".

لن نستطيع التنفس إلا بالحرية من الاضطهاد والعنصرية.

BlackLivesMatter#


انشر/ي

ابقوا على اطلاع

قم بالتسجيل للحصول على آخر أخبار المقاطعة والحملات والتحركات

Subscribe Now