التطورات

ملخص قانوني بشأن تواطؤ "بوما" في أنشطة الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم في المستعمرات

وإذا سعى اتحاد كرة القدم الفلسطيني لتطوير علاقته مع "بوما"، فإنّ عليه اشتراط عدم وجود أي رابط بين دعم "بوما" للاتحاد الإسرائيليّ وأندية المستوطنات، ولا يمكن لهذا أن يحدث إلا إذا تم استثناء تلك الأندية بشكل صريح من دوريات الاتحاد الإسرائيلي. هذا ملخص قانوني قدّمته الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية إلى اتحاد كرة القدم الإسرائيلي بشأن تواطؤ "بوما" في أنشطة الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم في المستعمَرات

مقدّم للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، [1] بتاريخ 17/6/2021 

إنّ قرارات محكمة العدل الدولية، والعديد من قرارات مجلس الأمن والهيئة العامة للأمم المتحدة، والمواقف التي اتّخذتها الهيئات المنبثقة عن معاهدات الأمم المتحدة، تطبِّق على نحوٍ ثابت اتفاقية جنيف لعام 1949 واتفاقية لاهاي لعام 1907 باعتبارهما قانوناً دولياً عرفياً متعلقاً باحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية المحتلّة. ووفقاً للقانون الدولي، يعتبر المشروع الاستيطاني- التوسّعي الإسرائيلي في الأراضي المحتلّة غير شرعيّ.

في عام 2012، أنشأ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة "بعثة تقصّي حقائق دولية مستقلة للتحقيق في آثار المستعمرات الإسرائيلية على الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، [2]  بما في ذلك القدس الشرقية". وفي العام 2013، خلُصت البعثة إلى أنّ "الشركات التجارية قد مكّنت، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بناء المستعمرات ويسّرت نموّها والتربّح منها. وبالإضافة إلى استغلال الأراضي والموارد الطبيعيّة من أجل تشغيل ملعبٍ لكرة قدم، وضمن ما هو متعلّق بالمسألة التي تطرحها هذه الورقة، تعمل هذه الشركات على "توفير الخدمات والمرافق التي تدعم وجود المستعمرات والحفاظ عليها، بما في ذلك النقل".

وتعتبر أندية كرة القدم الموجودة في المستعمرات إحدى مكوّنات النظام الإيكولوجي الذي يدعّم نظاماً اقتصادياً أوسع، ويضفي على المستعمِرين صفة طبيعية، فضلاً عن توفيرها مصادر إيراداتٍ داخل الأندية نفسها.

يضمّ اتحاد كرة القدم الإسرائيلي في بطولاته الرسميّة فرقاً مقرّها المستعمرات الإسرائيلية المقامة على أراضٍ فلسطينية منهوبة، وتلعب مبارياتها البيتيّة في هذه المستعمرات. وحسبما كشفت "هيومن رايتس ووتش"، تبيّن التقارير المالية لاتحاد كرة القدم الإسرائيلي المالية أنّ أندية المستعمرات الإسرائيلية توفر فرص عملٍ بدوام جزئيّ وخدمات ترفيهية، فضلاً عن أنّها "ممولة تمويلاً ضخماً" من المستعمرات نفسها.

وعلى الرغم من أنّ شركة "بوما" تدّعي أنها تدعم الفرق الوطنية الإسرائيلية فقط، وبالتالي لا ترتبط بشكل مباشر بدعم الأندية المقامة في المستعمرات، فإنّ عقدها موقّع مع اتحاد كرة القدم الإسرائيلي. في الواقع، يرِد شعار "بوما" في موقع اتحاد كرة القدم الإسرائيلي، ويذكر الموقع أنّها  الراعي الدولي الوحيد له. ونظراً إلى أنّ نظام دوري كرة القدم الإسرائيلي يعتبر نظاماً مترابطاً إلى حدّ كبير، فإنّ دعم "بوما" لاتحاد كرة القدم الإسرائيلي يشمل بالضرورة تمكينها ودعمها (أيّ "بوما") لأندية المستعمرات التابعة للاتحاد.

هل كانت "بوما" سترعى اتحاد كرة قدم، في أيّ مكان بالعالم، يضمّ أندية مثبتاً أنّها توظّف عمالة الأطفال مثلاً، أو تميّز علناً ضد السود؟ وهل سيكون ممكناً المحاججة بأنّ رعاية "بوما" لهذا الاتحاد الافتراضي يستوجب منها دعماً عينياً فقط لأندية الاتحاد غير المرتبطة بشكل مباشر بجرائم كهذه؟ ألم تكن "بوما" -- وبشكل محق -- ستنهي رعايتها لذلك الاتحاد بأكمله حتى ينهي أيّ علاقة له بعمالة الأطفال أو التمييز العرقي؟

إنّ الطابع المترابط والمتداخل لاتحاد كرة القدم يعني أنّ الدعم المقدّم لإحدى مكوّنات الاتحاد، سواء كان عينياً أم نقدياً، سيُسهم حتماً في دعم جزء آخر من النظام، بما في ذلك إتاحة المجال لإمكانية تخصيص الموارد لعناصر أخرى داخل النظام. وبالتالي، فإنّ رعاية "بوما" للاتحاد الإسرائيلي حتماً سيترتّب عليها دعم أندية المستعمرات الإسرائيلية غير الشرعيّة المقامة في الأرض الفلسطينية المحتلة.

وعلاوةً على ذلك، قال مديرو أندية المستعمرات الذين قابلتهم "هيومن رايتس ووتش" إنّ مشاركتهم في دوريات اتحاد كرة القدم الإسرائيلي، وبالتالي ارتباطهم بالفيفا، قد "رفع من مستوى الأندية وأتاح الفرصة أمام اللاعبين للصعود إلى دورياتٍ أعلى درجة".

وقد مارس اتحاد كرة القدم الإسرائيلي ضغوطاً متكرّرة لمنع تنفيذ "الفيفا" أيّ تدابير مساءلة ضدّ أندية المستعمرات، مناصراً بذلك الحفاظ على هذه الفرق في دورياته.

وأشار تقرير لجنة متابعة "الفيفا" المكلّفة بشأن اتحادي "إسرائيل-فلسطين" إلى أن الاتحاد الإسرائيلي "جادل بقوة أن الأندية المعنيّة موجودة في المنطقة ج، وهي "أراضٍ فلسطينية" لا تزال "تخضع للسيطرة السياسية والعسكرية الكاملة لإسرائيل".

وخلال مؤتمر "الفيفا" عام 2017، انتقد رئيس اتحاد كرة القدم الإسرائيلي دعوات اتحاد كرة القدم الفلسطيني للامتثال بلوائح "الفيفا" المتعلّقة بأندية المستعمرات، مدّعياً أنّ هذه الدعوات "سياسية وغير متعلّقة بكرة القدم، إنّما بمسألة حدود إسرائيل"، وأنّه "يجب على مؤتمر الفيفا أن يهدف ليلعب الجميع كرة القدم في كل مكان".

إنّ محاولة "بوما" التغطية على تورّطها في نظام الاستعمار الإسرائيليّ من خلال دعمها المباشر لاتحاد كرة القدم الفلسطيني تتطلّب من الاتحاد الفلسطيني معاملة أنشطة "بوما" مع الاتحاد الإسرائيلي على أنها منفصلة عن أنشطتها معه، وهذا من شأنه أن يشكّل إشكالية بالغة؛ إذ تنتهك أنشطة الاتحاد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلّة عام 1967 حقوق الاتحاد الفلسطيني والأراضي الخاضعة لولايته وفق ما تنصّ عليه لوائح "الفيفا" (اُنظر الموجز القانوني لاتحاد كرة القدم الفلسطيني في هذا الشأن)، وبالتالي، فإنها تقوّض الحق الفلسطيني بتقرير المصير والحرية من الاحتلال الأجنبي.

وإذا سعى اتحاد كرة القدم الفلسطيني لتطوير علاقته مع "بوما"، فإنّ عليه اشتراط عدم وجود أي رابط بين دعم "بوما" للاتحاد الإسرائيليّ وأندية المستوطنات، ولا يمكن لهذا أن يحدث إلا إذا تم استثناء تلك الأندية بشكل صريح من دوريات الاتحاد الإسرائيلي.

وعلى وجه التحديد، فإنّ البند الذي نوصي بإدراجه في أي عقد يجمع بين اتحاد كرة القدم الفلسطيني وأي شركة، بما فيها "بوما"، يجب أن يتبع التوصيات المقدّمة من "هيومن رايتس ووتش" بعد فحصها لطبيعة العلاقة بين الاتحاد الإسرائيلي وأندية المستوطنات التابعة له، وانتهاكات القانون الدولي. وهذا من شأنه أن يتوافق مع الملخص القانوني الصادر عن الاتحاد الفلسطيني وأن يلتزم أيضاً بالقانون الدولي.

لكي تمتثل رعاية "بوما" لاتحاد كرة القدم الإسرائيلي مع القانون الدولي ومعايير الأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، يجب على الاتحاد الإسرائيلي وقف أي انتهاك للحقوق الفلسطينية بموجب القانون الدولي. لذا، يتعيّن على "بوما" أن تصرّ على تنفيذ الاتحاد الإسرائيلي ما يلي، استناداً إلى توصيات "هيومن رايتس ووتش":

  1. يجب أن يتوقف الاتحاد الإسرائيلي عن تنظيم أنشطة كرة القدم، بما في ذلك المباريات، في المستعمرات الإسرائيلية. وبكلمات لجنة متابعة "الفيفا"، يجب أن يتوقف الاتحاد الإسرائيلي "عن إدارة كرة القدم في الأراضي [الفلسطينية المحتلة] المعنيّة".
  2. يجب أن تنقل كافة أندية المستعمرات مبارياتها (وملاعبها الرسمية) إلى داخل "حدود دولة إسرائيل" المعترف بها دولياً أو أن يتمّ استبعادها من منافسات الاتحاد الإسرائيلي وأنشطته. ويجب أن يلغي الاتحاد الإسرائيلي اعتماد أي أرض في المستعمرات كملاعب أو قاعات داخلية لكرة القدم.
  3. يجب ألا تلعب أيّ أندية مباريات بيتية على ملاعب كرة القدم الموجودة في المستعمرات، ولا أن يكون عنوانها الرسمي مسجّلاً فيها.

وقد أدرجت الأمم المتحدة، في قاعدة بياناتها التي تضم الشركات المتواطئة في الاستيطان الإسرائيلي غير القانوني، الوكيل السابق لشركة "بوما" في إسرائيل، وهو "ديلتا غاليل". أما الوكيل الحالي للشركة الألمانية، فهو شركة "أل سراد" (Al Srad Ltd)، وهي جزء من مجموعة "إيراني" (Irani Group Corp) الإسرائيلية، التي تعمل في الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، ممّا يؤكد استمرار تواطؤ "بوما" في تمكين هذا المشروع الاستيطاني الإسرائيلي ودعمه.

تدير مجموعة "إيراني" عدداً من المتاجر تحت اسم (Factory 54) الذي يعرضه اتحاد كرة القدم الإسرائيليّ كأحد الرعاة. أحد تلك المحلات موجود في المجمع التجاري المسمى "ماميلا" المقام على أراضٍ فلسطينية احتلها الجيش الإسرائيليّ وضمها بعد عام 1967، أي أنّ المتجر والمجمع التجاري موجودان بشكل غير قانونيّ في مستعمرة مقامة على أراضٍ فلسطينية مسلوبة في مخالفة صارخة للقانون الدوليّ. تقوم الشركة كذلك باستيراد وبيع منتجات مثل ماركات عطور عالمية لسلاسل شركات عاملة في المستعمرات الإسرائيلية مثل "سوبرفارم" (Super Farm) و"هاماشبير" (Hamashbir).

ما تقدّم يعني أنّ الشركة الإسرائيلية، إلى جانب مخالفتها للقانون الدوليّ بإدارتها لمتجر مقام على أراضٍ فلسطينية مسلوبة، فإنها كذلك تنتهك معايير الأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية العاملة في إسرائيل تحديداً المعيارين الآتيين:

  • تزويد الخدمات والمرافق التي تدعم المستعمرات وتحافظ عليها، بما في ذلك المواصلات.
  • استخدام الموارد الطبيعية، تحديداً المياه والأراضي، لأهداف تجارية.

وكي تتمكن "بوما" من التقيّد بالقانون الدولي ومعايير الأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان خلال ممارستها عملها في دولة الاحتلال، يجب على وكيل "بوما" الإسرائيلي الالتزام بالمعايير التي وضعها مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. وإنّ أي شركة متورطة في أيٍّ من الأنشطة التالية تكون قد "مكّنت، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بناء المستعمرات غير الشرعيّة ويسّرت نموّها والتربّح  منها". ولذلك، ينبغي استبعادها كوكيل إسرائيلي لـ "بوما":

  1. توريد المعدات والمواد التي تيسّر بناء وتوسيع المستعمرات والجدار، وما يترتب على ذلك من بنى تحتيّة.
  2. توريد معدّات المراقبة وتحديد الهوية للمستعمرات، والجدار والحواجز العسكرية المرتبطة بالمستعمرات بشكل مباشر.
  3. توريد معدّات لهدم المنازل والممتلكات وتدمير الأراضي الزراعية والبيوت الخضراء وأشجار الزيتون والمحاصيل الزراعية.
  4. تزويد الخدمات والمعدّات والمواد الأمنية للشركات التي تعمل في المستعمرات.
  5. تزويد الخدمات والمرافق التي تدعم المستعمرات وتحافظ عليها، بما في ذلك المواصلات.
  6. العمليات المصرفية والمالية التي تساعد في تطوير المستوطنات وتوسعتها والحفاظ عليها وعلى أنشطتها، بما في ذلك قروض الإسكان وتطوير الشركات.
  7. استخدام الموارد الطبيعية، تحديداً المياه والأراضي، لأهداف تجارية.
  8. التلويث وإلقاء المخلفات أو نقلها للقرى الفلسطينية.
  9. استخدام فوائد أو استثمارات الشركات المملوكة جزئيّاً أو كليّاً لمستوطنين في تطوير المستعمرات وتوسعتها والحفاظ عليها.
  10. أسر الأسواق المالية والاقتصادية الفلسطينية، فضلاً عن الممارسات التي تضرّ بالشركات الفلسطينية، بما في ذلك القيود المفروضة على الحركة والقيود الإدارية والمالية.

------

[1]  بناءً على التحليل القانوني لمؤسّسة الحق و"هيومن رايتس ووتش" واتحاد كرة القدم الفلسطيني ومناصري حقوق الإنسان الفلسطينيين.
[2]  https://documents-dds-ny.un.org/doc/RESOLUTION/GEN/G12/130/13/PDF/G12130...
   [3] https://www.ohchr.org/Documents/HRBodies/HRCouncil/RegularSession/Session22/A-HRC-22-63_en.pdf 
[4]
 Id. at paragraph 96 (e) p.20.


انشر/ي

ابقوا على اطلاع

قم بالتسجيل للحصول على آخر أخبار المقاطعة والحملات والتحركات

Subscribe Now